المعلم ناصر - شاعر من الرامة



لعل جيلا كاملا من المثقفين الفلسطينيين ، يلهج بالمحبة كلما خطر له او به اسم ( المعلم ناصر ) المربي والشاعر المعروف من بلدة الرامة الجليلية . اسمه الكامل ناصر جريس عيسى ، لكنه اشتهر ، تحببا واجلالا ، بلقب المهنة التي جلى فيها ، ( المعلم ) ، وباسمه الاول ( ناصر ) ..
انهى دراسته الابيتدائية في الرامة ، ثم انتقل الى الثانوية المسكوبية في الناصرة فتخرج منها بتفوق ، متمكنا من اللغة العربية واللغة الروسية ، طارحا بواكيره الشعرية التي نمت آنذاك عن موهبة ممتازة في ( صناعة القريض ) على حد تعبير الايام السالفة .
عمل المعلم ناصر مدرسا للغة العربية في بيت لحم وعكا ، واسهم في تأسيس الرابطة العربية في عكا حيث شن حملة شعواء على الطائفية والعائلية ، داعيا للوحدة القومية لمواجهة الخطر الداهم .
في غمرة نكبة الشعب العربي الفلسطيني لجأ المعلم ناصر مع من لجأوا الى لبنان ومكث هناك حتى وافته المنية وهو في حوالي الثمانين من العمر .
اشتهر المعلم ناصر في مناطق واسعة من فلسطين ، وحظيت قصائده بمحبة عميقة في الاوساط الثقافية والشعبية على السواء ،. وقد احتفظ ابناء جيله في الرامة ببعض قصائده فعثر عليها بخط يده او منسوخة ، سليةم او مشوبة ببعض الاخطاء التي لا ريب انها وقعت اثناء عملية النسخ . وان ما عثر عليه ليس الا جزءا ضئيلا من انتاجه الخصب الذي استمر سنوات عديدة ، والذي ما زال كثيره محفوظا في الصدور او في حُزم الاوراق المنسية في صناديق آبائنا .

مختارات من شعر المعلم ناصر
اشترك المعلم ناصر والكاتبة اسمى طوبي في ندوة ادبية حول تحرير المرأة ، في حيفا . والقى قصيدة طويلة منها هذه الابيات

نريد ! وهل يحقق ما نريد            فقد رزحت بحبالها الجهود
نناضل في سبيل العيش دهرا            شديد البطش ليس له عهود
ويغرينا السراب بورد ماء            ودون الماء بيد ثم بيد
نخال البرق فوق الافق نورا            طوالعه المبارك والسعيد
ونطلبها فتخطئنا الاماني            كما كذبت بمخلفها الوعود
واعجب ما يمض الحر شر            يلوح كأنه الخير الاكيد
وأقتل من معاقرة المنايا            عيون الظالمين وهم شهود

ثم ( يستنهض الشاعر ( فتاة العرب ) للنضال الى جانب الرجل ، ويذكرها بماضي المرأة العربية المجيد ، مستعيدا اسماء النساء العربيات الرائدات

فتاة العرب عذرك ان تبدت            بروق الشعر او قصفت رعود
فاختك في رمال البيد كانت            بانفاس الصبا ابدا تجود
تفيض عيونها سحرا ونورا            بها يجلى الظلام ، وهن سود
تشارك في المعارك والضحايا            ويقنعها من الغم الوجود
هناك مسارح للمجد تزهو            ولا غل يمض ولا قيود
منازل لا يعاب الحر فيها            ولا تعنو لاسياد عبيد

وجه المعلم ناصر قصيدة الى الشاعرة فدوى طوقان بعد وفاة شقيقها ابراهيم ، قال فيها

ودعــتـــه بـلـوعــة واكـتـئـاب            حرة النفس والحجى والاهاب
ورثــتـــه بـالـــروح تطـفـح حبـا            وحنينــا الــى الليالــي العذاب
ايته اخـت الكريم والشـاعـر الفذ ،            عــزاء فـقـدت زيـن الشـبـاب
ناشـر الشعر في النـفــوس غـزيرا            بعـد ان كان ضيق الاسبـاب
أو ليست تلك الصواعق ما زلزل            ظـلـمـا وحــل غـل رقــــاب
حـيـنـمـــا ارســـل الـنــداء دويـــا            ليس فيه من خشية وارتياب
اذ رأى القوم في الحمى بين لاه            وذلــيــل مقـتـبـــل الاعتــاب
ارســل الــروح في الدياجي شهابا            فاذا الافـق مــقـفـل الابــواب
فهوى ، والشعاع يخترف الجسم            ويثوى التراب تحت التــراب
وتـظـل الــروح الكريمـة نـورا            سابحا في الفضاء بين السحاب

في عكا وفي عام 1945 ، اقيم احتفال في ذكرى المولد النبوي الشريف ، والقى المعلم ناصر قصيدة جاء فيها

هـذي الاهــازيـج مـلء السـهل والـوادي            هي البشائر يوم الـمـولـد الـهـادي
تــطــوف اصــداؤهــا فـي كــل نـاحـيــة            اي الـعـوالــم لـم يـولــع بـانـشــاد
في مصر في الشام في البحرين في عدن            في ارض لبنان رنت فوق اطواد
بـلــى وفـي مـكــة الــغــــراء قـــام لـهـــا            ذكــر تـردد في نــجـد وبـغـــداد
          *** *** ***           
انتم من العـرب جـــزء غـيـر مـنـفـصــم            انتـم مـن الكــل مــا انتـم بافــراد
ومــا مـحـاولـــة الــتـــفـــرق غـيـــر يـــد            سوداء غاشمة شك يــد الـعــادي
          *** *** ***           
ما الارض هذى الـتـي تسـتـمـتـعـون بها            الا بـقــــيــــة ارواح واجــســــاد
وهــذه الـتــرب لـيـســـت غـيـــر افـئــدة            ذابــت بـانفـــاس ابـــاء واجـــداد
وهــي التــراث الــذي فـاضت مواهـبـه            نـعـم الـهـديــة مـن جـد لاحـفــاد
نــهـيـم فــي الارض لا اهــل ولا وطـن            ونحن فيهـا سـيوف دون اغـمـاد
اتــسـعــد الـدار قــفــرا مــن سـواكـنـهــا            وكيف يحمي عرين دون آساد ؟
وهـل يـطـاق وهـذي الارض مـوطـنـنـا            بـان نكـون عبيدا عـنـد اسـيـاد ؟
يـا قـــوم جـئـنــا نــؤدي واجـبـنـا جـلـلا            علـى رؤوس ميـاديــن واشـهــاد
نعيد عـهــد الليـالــي البيـض وقـد وقفـت            لها الحـوادث سـوداء بمـرصــاد
وانـنــي مـعـكـــم والـعـهــد يــربــطـنـــا            والـدهـر يـجمعنا في خيـر ميعاد
عــســى تـحـقــــق آمــال العـروبـة فــي            ميلادها الـحر ، في تذكار ميلاد




اعلى الصفحة الصفحة الرئيسية السابق